محتويات
موقع جزيرة فاروس وتاريخها في الإسكندرية
تعد جزيرة فاروس واحدة من أبرز المعالم التاريخية في مدينة الإسكندرية، التي تقع على الساحل الشمالي لمصر. تاريخ هذه الجزيرة غني بالأحداث والمعالم الأثرية، ما يجعلها محوراً مهماً في تاريخ الإسكندرية وسجلها الثقافي. سنستعرض في هذا المقال الموقع الجغرافي للجزيرة، تاريخها العريق، وأبرز معالمها التاريخية.
موقع جزيرة فاروس الجغرافي
تقع جزيرة فاروس في مدينة الإسكندرية، التي تُعرف أيضاً بلقب “عروس البحر المتوسط”. كانت الجزيرة تقع في الميناء الشرقي للإسكندرية، وكانت مرتبطة بالبر المصري عبر جسر طوله حوالي 1200 متر، والذي كان يُعرف بـ”الهيب ستاديوم”. هذا الجسر كان يشكل رابطاً حيوياً بين الجزيرة والبر الرئيسي، مما ساعد على تعزيز حركة التجارة والسفر.
جزيرة فاروس كانت تشغل موقعاً استراتيجياً مهماً في مدينة الإسكندرية، وكانت تحتوي على مجموعة من المعالم الهامة التي جعلتها مركزاً للحياة التجارية والثقافية في المدينة.
تاريخ جزيرة فاروس
تعود أهمية جزيرة فاروس إلى العصور القديمة، حيث كانت تُعرف بكونها موطناً لمجموعة من الصيادين، وكانت تمتاز بحيويتها ونشاطها. كانت الجزيرة تحتضن قرية صغيرة تُسمى “راقودة”، وقد اكتسبت شهرتها بفضل موقعها المميز في ميناء الإسكندرية.
مع دخول الإسكندر الأكبر إلى مصر وتأسيسه لمدينة الإسكندرية في عام 332 قبل الميلاد، بدأت الجزيرة تلعب دوراً مهماً في تاريخ المدينة. قام الإسكندر الأكبر بمشروع كبير لربط الجزيرة بالبر الرئيسي عبر بناء الجسر الشهير “الهيب ستاديوم”، الذي ساهم في تعزيز الحركة التجارية والاتصالات بين الجزيرة والمدينة.
منارة الإسكندرية على جزيرة فاروس
منارة الإسكندرية، التي كانت تعرف أيضاً بمنارة فاروس، كانت واحدة من عجائب الدنيا السبع. بُنيت في عهد الملك بطليموس الثاني في حوالي عام 280 قبل الميلاد. كانت المنارة تجسيداً للتقدم التكنولوجي والهندسي في عصرها، حيث كانت تستخدم كإشارة ملاحية مهمة للسفن القادمة إلى ميناء الإسكندرية.
تألفت المنارة من ثلاثة طوابق، وكان الارتفاع الإجمالي لها يصل إلى حوالي 100 متر. كان الطابق الأول يتكون من هيكل مربع، والطابق الثاني كان دائرياً، أما الطابق الثالث فقد كان يحتوي على قمة هرمية. كانت المنارة تُضيء ليلاً بفضل النار التي كانت تُشعل في قاعدتها، مما ساعد السفن في الإبحار ليلاً وتجنب الاصطدام بالصخور.
تدمير منارة الإسكندرية وبناء قلعة قايتباي
في عام 702 ميلادياً، تعرضت منارة الإسكندرية لزلزال مدمر، مما أدى إلى انهيارها. بعد هذا الزلزال، فقدت المنارة مكانتها كأحد عجائب الدنيا السبع، واختفت معالمها من على وجه الأرض. في مكان المنارة المدمرة، قرر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بناء قلعة قايتباي في عام 1477 ميلادياً.
قلعة قايتباي كانت بمثابة حصن دفاعي لحماية مدينة الإسكندرية من التهديدات العثمانية. تم تصميم القلعة بشكل مربع، واحتوت على أربعة أبراج للدفاع، وميزت بطابعها المعماري العسكري الذي جعلها واحدة من أهم المعالم التاريخية في الإسكندرية. اليوم، تعتبر قلعة قايتباي من أبرز المعالم السياحية في المدينة، وتستقطب العديد من الزوار لاستكشاف تاريخها وهندستها المعمارية.
الجزيرة في العصر الحديث
مع مرور الزمن وتغير الظروف الطبيعية، أصبحت جزيرة فاروس جزءاً من البر الرئيسي للإسكندرية. ومع ذلك، فإن بقايا الجزيرة والتاريخ الغني الذي تحمله لا يزالان جزءاً من التراث الثقافي والتاريخي للمدينة. يمكن للزوار اليوم أن يستمتعوا بزيارة المعالم التاريخية المرتبطة بالجزيرة، مثل قلعة قايتباي، ويستكشفوا الآثار التي تعود إلى العصور القديمة.
المعالم السياحية المحيطة بجزيرة فاروس
مدينة الإسكندرية تحتوي على مجموعة من المعالم السياحية الأخرى التي تستقطب الزوار. من أبرز هذه المعالم:
- مكتبة الإسكندرية: تعتبر مكتبة الإسكندرية الحديثة امتداداً للمكتبة القديمة الشهيرة، وهي من أهم المراكز الثقافية في المدينة. تحتوي المكتبة على مجموعة واسعة من الكتب والمخطوطات، وتُعد مركزاً للأبحاث الثقافية والعلمية.
- عمود السواري: هو أحد أبرز المعالم الرومانية في الإسكندرية، ويعود تاريخه إلى القرن الثالث الميلادي. العمود يمثل نصباً تذكارياً مذهلاً ويعكس براعة الهندسة الرومانية.
- رأس التنين: موقع أثري يحتوي على مقابر تاريخية تعود إلى الفترة الهلنستية، ويعكس الأهمية التاريخية والثقافية للإسكندرية.
- قصر المنتزه: هو قصر تاريخي كان مقر إقامة العائلة المالكة في الماضي، ويتميز بحدائقه الجميلة وإطلالته الرائعة على البحر.
الجاذبية السياحية لجزيرة فاروس
رغم التغيرات الكبيرة التي شهدتها جزيرة فاروس على مر العصور، فإنها تظل موقعاً مهماً للباحثين والمهتمين بالتاريخ. يمكن للزوار استكشاف الآثار التاريخية التي بقيت تحت الماء، بما في ذلك بقايا المنارة القديمة وبعض القطع الأثرية التي تعود إلى الحضارات السابقة.
كما يمكن للغواصين المحترفين والمهتمين بالتاريخ تحت الماء الاستمتاع بجولات تحت الماء لاستكشاف الآثار المغمورة في قاع البحر. تقدم هذه التجارب فرصة فريدة لاستكشاف التراث التاريخي للجزيرة بطريقة غير تقليدية.
الجزيرة في الأدب والثقافة
جزيرة فاروس لم تكن فقط محوراً للتاريخ والهندسة، بل أيضاً كانت مصدر إلهام للعديد من الأدباء والفنانين. كما أن منارة الإسكندرية كانت رمزاً للتقدم والتفوق الهندسي في عصرها، وأثرت في الأدب والثقافة بطرق متعددة.
أدبياً، كانت المنارة والجزيرة موضوعاً للعديد من القصص والروايات التي تسرد بطولات الإسكندر الأكبر والتاريخ الغني للإسكندرية. وفي الفن، تم تمثيل المنارة في لوحات ورسوم تعكس جمالها وتفردها.