الاسم الذي يُطلق على كريات الدم البيضاء
كريات الدم البيضاء، والمعروفة أيضًا باسم “كريضات”، هي جزء حيوي وأساسي من الجهاز المناعي في جسم الإنسان. تلعب هذه الخلايا دورًا رئيسيًا في حماية الجسم من العدوى والجراثيم التي يمكن أن تصيبه. على الرغم من أنها تشكل نسبة ضئيلة من إجمالي خلايا الدم (حوالي 1% فقط)، إلا أن تأثيرها الكبير على صحة الإنسان يجعلها واحدة من أهم مكونات الدم.
ما هي كريات الدم البيضاء؟
كريات الدم البيضاء هي مجموعة من الخلايا المناعية التي يتم إنتاجها في نخاع العظام، وتنتقل بعد ذلك إلى مجرى الدم لتقوم بدورها الحيوي في الدفاع عن الجسم ضد الكائنات الضارة مثل البكتيريا، الفيروسات، والفطريات. يتميز كل نوع من أنواع كريات الدم البيضاء بوظائفه المحددة التي تسهم في حماية الجسم من مختلف التهديدات. من خلال عملها المنظم، تساعد هذه الخلايا في الحفاظ على صحة الجسم وتعزز مناعته ضد الأمراض المختلفة.
أنواع كريات الدم البيضاء
يوجد خمسة أنواع رئيسية من كريات الدم البيضاء، تختلف في خصائصها ووظائفها، وهي:
- الخلايا المتعادلة (Neutrophils):
تُعد الخلايا المتعادلة أكثر أنواع كريات الدم البيضاء شيوعًا، حيث تشكل حوالي 50-70% من مجموع خلايا الدم البيضاء. عددها يتراوح بين 2500 و7500 خلية لكل ميكرولتر. تتميز بوجود نواة مكونة من فصوص متعددة وحبيبات صغيرة في السيتوبلازم، الذي يكون عادةً بلون زهري باهت.
تعمل الخلايا المتعادلة كخط الدفاع الأول ضد الالتهابات البكتيرية والفطرية. عندما تدخل البكتيريا أو الفطريات إلى الجسم، تقوم هذه الخلايا بمهاجمتها والتخلص منها من خلال عملية تُعرف بالبلعمة، حيث تبتلع وتدمر مسببات العدوى. - الخلايا الليمفاوية (Lymphocytes):
تشكل الخلايا الليمفاوية حوالي 20-40% من مجموع خلايا الدم البيضاء. يتراوح عددها بين 1500 و3500 خلية لكل ميكرولتر. تحتوي هذه الخلايا على نواة واحدة دائرية وكبيرة، ويكون السيتوبلازم قليلًا ومائلًا إلى اللون الأزرق.
تنقسم الخلايا الليمفاوية إلى ثلاثة أنواع رئيسية: الخلايا التائية (T-cells)، الخلايا البائية (B-cells)، والخلايا القاتلة الطبيعية (Natural Killer Cells). تلعب هذه الأنواع دورًا مهمًا في محاربة العدوى الفيروسية والبكتيرية، بالإضافة إلى التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها. الخلايا التائية مسؤولة عن تنسيق استجابة الجهاز المناعي، بينما تقوم الخلايا البائية بإنتاج الأجسام المضادة لمكافحة العدوى. - خلايا وحيدات النوى (Monocytes):
تشكل خلايا وحيدات النوى حوالي 2-8% من مجموع خلايا الدم البيضاء. يتراوح عددها بين 200 و800 خلية لكل ميكرولتر. تمتاز هذه الخلايا بأنها تحتوي على نواة كبيرة ومتموجة، مع سيتوبلازم مائل إلى اللون الرمادي أو الأزرق.
عندما تخرج خلايا وحيدات النوى من مجرى الدم وتدخل إلى الأنسجة، تتحول إلى خلايا بلعمية (Macrophages) تقوم ببلعمة وتدمير البكتيريا والخلايا الميتة، مما يساعد على تنظيف الجسم من الفضلات الخلوية. كما تلعب دورًا حيويًا في تنظيم الالتهابات والتخلص من الأنسجة التالفة. - الخلايا الحمضية (Eosinophils):
تُشكل الخلايا الحمضية حوالي 1-4% من مجموع خلايا الدم البيضاء، ويتراوح عددها بين 40 و400 خلية لكل ميكرولتر. تتميز بوجود نواة بفصين وحبيبات كبيرة ملونة باللون الوردي داخل السيتوبلازم.
تعمل هذه الخلايا بشكل أساسي عند مواجهة الطفيليات مثل الديدان الطفيلية. كما تلعب دورًا في الاستجابة للحساسية من خلال تنظيم التفاعلات المناعية التي تحدث في الجسم نتيجة التعرض للمواد المثيرة للحساسية مثل حبوب اللقاح أو العث. - الخلايا القاعدية (Basophils):
تشكل الخلايا القاعدية حوالي 0.5-1% فقط من مجموع خلايا الدم البيضاء. يتراوح عددها بين 10 و100 خلية لكل ميكرولتر. تحتوي على نواة بفصين وحبيبات كبيرة داكنة اللون في السيتوبلازم، وغالبًا ما تكون ملونة بالأسود أو البني.
تلعب الخلايا القاعدية دورًا مهمًا في الاستجابة للحساسية والالتهابات من خلال إفراز مواد مثل الهستامين، التي تزيد من تدفق الدم إلى المناطق المصابة وتسبب تمدد الأوعية الدموية.
أسباب ارتفاع كريات الدم البيضاء
زيادة عدد كريات الدم البيضاء في الدم يُعتبر في كثير من الأحيان استجابة طبيعية للجسم لمحاربة العدوى أو الالتهابات. هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى هذا الارتفاع، منها:
- العدوى:
العدوى البكتيرية والفيروسية من أكثر الأسباب شيوعًا لزيادة كريات الدم البيضاء. عندما يصاب الجسم بعدوى، يعمل الجهاز المناعي على زيادة إنتاج خلايا الدم البيضاء لمكافحة مسببات المرض. - الأمراض السرطانية مثل ابيضاض الدم (Leukemia):
هناك أنواع معينة من السرطانات، مثل ابيضاض الدم الليمفاوي المزمن (Chronic Lymphocytic Leukemia) وابيضاض الدم النقوي المزمن (Chronic Myelogenous Leukemia)، تؤدي إلى زيادة كبيرة وغير طبيعية في إنتاج خلايا الدم البيضاء. هذه الخلايا تكون غير ناضجة وغير فعالة في محاربة العدوى. - الالتهاب المفصلي الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis):
التهاب المفاصل الروماتويدي هو مرض مناعي ذاتي يُهاجم فيه الجهاز المناعي الأنسجة المحيطة بالمفاصل، مما يؤدي إلى الالتهاب والألم. يتميز هذا المرض أيضًا بزيادة عدد خلايا الدم البيضاء في الجسم كجزء من استجابة الجسم للالتهاب. - الحساسية:
الحالات التي تشمل تفاعلات حساسية حادة مثل الحساسية الغذائية أو الربو يمكن أن تؤدي إلى زيادة في عدد كريات الدم البيضاء، وخاصة الخلايا الحمضية والقاعدية. - التعرض للإجهاد البدني أو العاطفي:
الإجهاد، سواء كان جسديًا أو نفسيًا، قد يؤدي إلى زيادة مؤقتة في عدد كريات الدم البيضاء كجزء من استجابة الجسم لمواجهة هذا الضغط.
أسباب انخفاض كريات الدم البيضاء
كما قد ترتفع مستويات كريات الدم البيضاء في بعض الحالات، يمكن أيضًا أن تنخفض بسبب عدة عوامل، منها:
- فقر الدم اللاتنسجي (Aplastic Anemia):
هو حالة نادرة تحدث عندما يفشل نخاع العظام في إنتاج ما يكفي من خلايا الدم، بما في ذلك كريات الدم البيضاء. - العلاجات الكيميائية والإشعاعية:
غالبًا ما يؤدي العلاج الكيميائي والإشعاعي المستخدم لعلاج السرطان إلى تدمير خلايا نخاع العظام، مما يقلل من إنتاج كريات الدم البيضاء ويضعف جهاز المناعة. - متلازمة كوستمان (Kostmann’s Syndrome):
هي اضطراب وراثي نادر يؤدي إلى نقص حاد في الخلايا المتعادلة، مما يجعل المصابين عرضة للعدوى بشكل أكبر. - فرط نشاط الطحال (Hypersplenism):
يؤدي إلى تدمير خلايا الدم بما في ذلك كريات الدم البيضاء بشكل أسرع من الطبيعي، مما يقلل من عددها في الجسم.
علاج ارتفاع أو انخفاض كريات الدم البيضاء
في بعض الحالات، قد يعود عدد كريات الدم البيضاء إلى مستواه الطبيعي بدون تدخل طبي، ولكن في حالات أخرى قد يتطلب الأمر علاجًا خاصًا. يعتمد العلاج على السبب الأساسي لزيادة أو انخفاض الخلايا. يمكن أن يشمل العلاج السوائل الوريدية، الأدوية المضادة للالتهابات أو العدوى، أو حتى إجراءات طبية مثل فصادة كريات الدم البيضاء التي تعمل على إزالة بعض خلايا الدم البيضاء من الجسم.