محتويات
مقدمة
تُعد حدائق بابل المعلقة من أعظم العجائب التي عرفها العالم القديم، إذ إنها تحفة معمارية فريدة تجمع بين الجمال الطبيعي والابتكار الهندسي. تتميز هذه الحدائق بأنها “معلقة” في الهواء، بُنيت على أعمدة حجرية متينة وزُرعت بأشجار ونباتات متنوعة، ما جعلها لوحة فنية تجذب الأنظار. يُقال إنها أُنشئت بناءً على رغبة الملك نبوخذ نصر الثاني لإرضاء زوجته، التي كانت تشتاق لأجواء وطنها ذات الطبيعة الخضراء.
لكن رغم شهرتها العالمية، هناك الكثير من الغموض الذي يحيط بتفاصيل هذه الحدائق؛ من موقعها الدقيق إلى طريقة بنائها وحتى سبب انهيارها. وفي هذا المقال، سنستعرض تاريخ هذه الحدائق، أسباب تسميتها، هندستها المعمارية، وعدد أبوابها، بالإضافة إلى الأساطير والحقائق المحيطة بها.
ما هي الحدائق المعلقة وكم عدد أبوابها؟
مفهوم الحدائق المعلقة
حدائق بابل المعلقة ليست مجرد مساحة خضراء تقليدية، بل هي عبارة عن مجموعة من المدرجات المزروعة التي كانت تتدلى من هياكل مرتفعة، مما جعلها تبدو وكأنها “معلقة” في الهواء. كانت تلك المدرجات مرفوعة على أعمدة حجرية، وتم تصميمها بطريقة تسمح للنباتات بأن تنمو بحرية، وتزهر في طبقات متعددة. بلغ ارتفاع هذه الأعمدة نحو 75 قدمًا (حوالي 23 مترًا)، مما جعل الحدائق مرئية من مسافات بعيدة.
عدد أبواب الحدائق
تحتوي حدائق بابل المعلقة على ثمانية أبواب، كانت تُستخدم للدخول إلى هذا المكان الفريد. ومن بين هذه الأبواب، تُعد بوابة عشتار هي الأكبر والأشهر، إذ كانت تُزيّن بالزخارف والنقوش الجميلة، وتُعد من أبرز معالم مدينة بابل القديمة. يحيط بالحدائق أيضًا خندق مائي ضخم، كان يُستخدم كجزء من نظام الدفاع للمدينة ضد أي هجوم خارجي، مما يعزز من أهمية الحدائق من الناحية العسكرية إلى جانب جمالها الطبيعي.
لماذا تم تسمية حدائق بابل المعلقة؟
الاسم والمفهوم
سُمّيت هذه الحدائق بـ “المعلقة” ليس لأنها كانت معلقة فعليًا بالحبال أو الكابلات، بل لأن النباتات التي كانت تزرع على الشرفات والهياكل المرتفعة كانت تتدلى وكأنها معلقة في الهواء. هذا التأثير البصري الخلاب جعلها تبدو وكأنها ترتفع عن سطح الأرض بطريقة سحرية، مما أكسبها هذا الاسم الغريب.
وصف البناء والهياكل
رغم أن ارتفاع الحدائق كان يقارب 24 مترًا، فإنها كانت مُحصنة بسور بسمك 6.7 متر وطول يبلغ حوالي 17 مترًا، مما كان يحميها من عوامل الزمن والأخطار المحتملة. أما مساحتها الإجمالية فقد بلغت نحو 14864.5 متر مربع، ما يعكس حجمها الضخم وامتدادها الواسع. استخدمت في بنائها مواد متنوعة مثل الطوب اللبن، الذي كان يعزل بالمادة المسماة “الغار” لمنع تسرب المياه إلى الهياكل.
ما هي طريقة بناء حدائق بابل المعلقة؟
استخدام الطوب اللبن والغار
تم بناء حدائق بابل المعلقة باستخدام الطوب اللبن شديد الحرارة، وهو نفس المادة التي كانت تُستخدم في بناء المنازل في العراق القديم. هذا النوع من الطوب كان يتميز بقدرته على تحمل الحرارة والجفاف، مما جعله مناسبًا للاستخدام في بيئة قاحلة مثل بابل. كان هذا الطوب يعزل بمادة تُسمى الغار، التي كانت تستخدم لمنع تسرب المياه إلى الطوب، مما يحافظ على هياكل الحدائق سليمة لأطول فترة ممكنة.
نظام الري والمضخات
أحد الابتكارات الهندسية التي كانت جزءًا من حدائق بابل المعلقة هو نظام الري المتطور. كانت الحدائق تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه نظرًا لكونها تقع في منطقة جافة. ولذلك، تم تصميم نظام مضخات يعتمد على عجلات متصلة بسلسلة من الدلاء، التي كانت تُرفع المياه من مصادرها وتُوزع على المدرجات الزراعية. هذا النظام كان يُعد معجزة هندسية في زمانه، وكان يعتمد على القوة البشرية في تشغيل المضخات.
موقع حدائق بابل
رغم شهرة حدائق بابل المعلقة، إلا أن موقعها الدقيق لا يزال مجهولًا حتى اليوم. هناك العديد من النظريات حول موقعها، إذ يعتقد البعض أنها كانت قريبة من نهر الفرات، بينما يعتقد آخرون أنها كانت تقع بالقرب من القصر الملكي في بابل. هناك أيضًا فرضية تقول بأن الحدائق كانت تقع في نينوى، العاصمة الأشورية، وقد بناها الملك سنحاريب بدلاً من نبوخذ نصر الثاني.
وصف الحدائق المعلقة
الجمال الطبيعي والهندسة المعمارية
كانت حدائق بابل المعلقة تمثل تمازجًا رائعًا بين الجمال الطبيعي والابتكار الهندسي. بنيت هذه الحدائق على مدرجات متتالية، وكل مدرج كان عبارة عن مكعبات حجرية مجوفة تمتلئ بالتربة. زُرعت في هذه التربة نباتات من مختلف الأنواع، بعضها محلي والآخر جُلب من مناطق بعيدة. كانت المياه تصل إلى هذه النباتات عن طريق مضخات تعتمد على نظام دقيق من الآلات والعمال، مما يضمن توزيع المياه بشكل متساوٍ.
البلاط الحجري والنوافير
إلى جانب النباتات، كانت الحدائق تحتوي على عناصر أخرى تضيف إلى جمالها وسحرها. وُجدت هناك بلاطات حجرية ناعمة تُغطي الأرضيات، إلى جانب العديد من النوافير التي كانت تساهم في ري النباتات بشكل مستمر. هذه النوافير لم تكن مجرد عنصر جمالي، بل كانت جزءًا أساسيًا من نظام الري، حيث كانت توزع المياه على جميع أجزاء الحدائق.
شرفات وحدائق متعددة الطبقات
كانت حدائق بابل المعلقة تتألف من ثلاث شرفات رئيسية، كل شرفة كانت مزروعة بأنواع مختلفة من النباتات. هذه الشرفات كانت مدعومة بأعمدة حجرية متينة، مما كان يمنح الحدائق الاستقرار والقدرة على تحمل وزن النباتات والمياه. الشرفات كانت مغطاة بطبقات من مواد مثل الرصاص والقار، وذلك لضمان عدم تسرب المياه من المدرجات، مما كان يحافظ على التربة والنباتات في حالة جيدة.
ما هو سبب انهيار الحدائق المعلقة؟
تأثير الزلازل والتغيرات الجغرافية
رغم كل الجهود المبذولة في بناء حدائق بابل المعلقة، إلا أنها لم تصمد أمام قوى الطبيعة. يُعتقد أن انهيار الحدائق كان نتيجة زلزال ضرب المنطقة، مما أدى إلى تدمير الهياكل المعمارية وتحويل الحدائق إلى أنقاض مغطاة بالرمال. هذا الانهيار أدى إلى صعوبة تحديد الموقع الدقيق للحدائق في الوقت الحاضر، حيث تغطي الرمال والأنقاض معظم المعالم التي كانت تُميزها.
الأسئلة الشائعة حول الحدائق المعلقة وأبوابها
لماذا سُميت حدائق بابل المعلقة؟
سُميت حدائق بابل المعلقة لأنها بُنيت على شرفات مرتفعة، مما جعل النباتات تبدو وكأنها معلقة في الهواء. كانت تُروى بنظام معقد من المضخات والدلاء.
كيف تم بناء حدائق بابل المعلقة؟
تم بناء الحدائق باستخدام الطوب اللبن المحترق، مع عزل بالطين والقار لمنع تسرب المياه. كانت المياه تُضخ بواسطة نظام معقد يعتمد على عجلات ودلاء متصلة بسلاسل.
كم عدد أبواب حدائق بابل المعلقة؟
تحتوي الحدائق على ثمانية أبواب، أشهرها بوابة عشتار.