انخفاض السكر إلى 70 ملليجرام/ديسيلتر
يعتبر الجلوكوز أحد العناصر الحيوية التي تزود جسم الإنسان بالطاقة اللازمة لممارسة الأنشطة اليومية، حيث يُعتبر المصدر الرئيسي للطاقة. يتم الحصول على الجلوكوز من خلال تناول الطعام، والذي يتم تحلله في الجسم إلى سكر دم. في الأشخاص الأصحاء، تتراوح مستويات سكر الدم عادة بين 100 إلى 150 ملليجرام لكل ديسيلتر، ولكن عندما تنخفض مستويات السكر إلى 70 ملليجرام/ديسيلتر، فإن ذلك يمثل نقصًا كبيرًا قد يؤدي إلى ظهور أعراض خطيرة ومضاعفات صحية متعددة.
محتويات
كيف يحافظ الجسم على مستوى السكر أثناء الصيام؟
للتمكن من الحفاظ على مستويات السكر في الدم خلال فترات الصيام، يعتمد الجسم على عمليتين رئيسيتين. أولاً، يقوم الجسم بتخزين الجلوكوز على شكل غلايكوجين في الكبد والعضلات. وعندما يحتاج الجسم إلى الطاقة أثناء الصيام، يقوم الكبد بتحليل الغلايكوجين إلى جلوكوز وإطلاقه في مجرى الدم. هذه العملية تعرف باسم تحلل الغلايكوجين.
ثانيًا، في حالة انخفاض مستويات السكر بشكل ملحوظ، يقوم الكبد بعملية أخرى تُعرف بـ استحداث السكر (جلوكوجينيسيس)، والتي تتضمن إنتاج الجلوكوز من مصادر غير كربوهيدراتية مثل البروتينات والدهون. هذه العمليات تُساعد على الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية حتى في فترات عدم تناول الطعام.
الهرمونات المسؤولة عن تنظيم سكر الدم
يُعتبر هرمون الأنسولين هو الهرمون الأساسي الذي يلعب دورًا محوريًا في تنظيم مستويات السكر في الدم. يتم إفراز الأنسولين بواسطة البنكرياس، وعندما ترتفع مستويات السكر في الدم بعد تناول الطعام، يقوم الأنسولين بخفض هذه المستويات عن طريق تسهيل دخول الجلوكوز إلى خلايا الجسم. لكن يُوقف إفراز الأنسولين عندما تنخفض مستويات السكر إلى 80 ملليجرام/ديسيلتر.
في حالات انخفاض السكر إلى مستويات خطرة (65-70 ملليجرام/ديسيلتر)، تنشط هرمونات مضادة للأنسولين مثل الغلوكاجون والأدرينالين. الغلوكاجون يُحفز الكبد على تحويل الغلايكوجين إلى جلوكوز وطرحه في مجرى الدم، بينما الأدرينالين يساهم في تعزيز الطاقة عبر زيادة الجلوكوز في الدم. بعد ذلك، تُفرز هرمونات مثل الكورتيزول وهرمون النمو، واللتين تتميزان بأنهما تبقيان في الدورة الدموية لفترة أطول، رغم أن إفرازهما يكون أبطأ.
أعراض نقص السكر في الدم
تختلف أعراض نقص السكر في الدم من شخص لآخر وتعتمد على مدى انخفاض مستوى السكر في الدم. تشمل الأعراض المحتملة:
- عند انخفاض السكر إلى 55 ملليجرام/ديسيلتر:
- زيادة القلق والتوتر.
- التعرق المفرط والشعور بالجوع.
- شحوب الوجه ورعشة في اليدين.
- تسارع خفقان القلب.
- عند انخفاض السكر لأقل من 50 ملليجرام/ديسيلتر:
- ارتباك شديد.
- تشنجات وفقدان الوعي.
- خطورة الحالة قد تصل إلى الوفاة إذا لم تُعالج.
أسباب انخفاض سكر الدم
هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض مستويات السكر في الدم، سواء لدى الأصحاء أو مرضى السكري. بعض هذه الأسباب تشمل:
- الأدوية: خاصة الأدوية المستخدمة لعلاج مرض السكري من فئة السولفونيليوريا، وبعض أنواع الأدوية مثل الأسبرين والكينين.
- الأورام: في حالات نادرة، قد تُؤثر الأورام على البنكرياس، مما يؤدي إلى زيادة إفراز الأنسولين.
- العدوى: العدوى الحادة أو الشديدة قد تؤدي إلى عدم توازن مستويات السكر.
- الجرعات الزائدة من الأنسولين: تناول جرعة زائدة من الأنسولين يمكن أن يكون سببًا رئيسيًا في انخفاض السكر في الدم.
- أمراض الكبد والكلى: الأمراض المزمنة في هذه الأعضاء قد تؤثر على قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر.
- نقص الهرمونات: مثل الكورتيزول وهرمون النمو، مما يؤدي إلى اختلال في تنظيم مستوى السكر.
العوامل المؤثرة على انخفاض السكر
توجد عوامل معينة تزيد من احتمالية تعرض الشخص لنقص مستوى السكر في الدم، ومن أبرزها:
- العمر: الأشخاص الأكبر سنًا يكونون أكثر عرضة لانخفاض السكر نتيجة ضعف تنظيم مستويات الجلوكوز.
- نسيان تناول الوجبات: قد يؤدي عدم تناول الوجبات في أوقاتها إلى انخفاض مستويات الجلوكوز.
- التمارين الرياضية الشاقة: ممارسة الرياضة بشكل مكثف تؤدي إلى استهلاك الجلوكوز بسرعة، مما يزيد من فرص انخفاضه.
- الجراحة في المعدة: العمليات الجراحية قد تؤثر على كيفية استيعاب الجسم للطعام، مما قد يؤدي إلى انخفاض السكر.
التشخيص لنقص سكر الدم
عملية التشخيص لنقص سكر الدم تبدأ عادةً بجمع معلومات عن الأعراض والتاريخ الطبي للمريض. يقوم الطبيب بقياس مستوى السكر في الدم من خلال تحليل عينة الدم. تُعتبر هذه المرحلة حرجة جدًا في رحلة العلاج، حيث يُمكن أن يؤدي تشخيص نقص السكر إلى تفادي مضاعفات خطيرة مثل الإغماء أو الصرع.
تشمل المضاعفات المحتملة لنقص السكر:
- الصرع: بسبب الانخفاض الحاد في مستوى السكر.
- الإغماء: الذي قد يؤدي إلى إصابات.
- الوفاة: في حالات نقص السكر الشديد.
- زيادة خطر الخرف: لدى كبار السن نتيجة التأثيرات المتكررة على الدماغ.
جهاز مراقبة الجلوكوز (CGM)
تُعتبر أجهزة مراقبة الجلوكوز المستمر (CGM) أداة حيوية للمرضى الذين يعانون من انخفاض السكر بشكل متكرر. هذه الأجهزة تراقب مستويات الجلوكوز بشكل دائم وتُرسل إشارات تحذيرية إذا كانت مستويات السكر منخفضة بشكل خطير.
تعمل بعض الأجهزة على دمج مضخات الأنسولين، التي تُغلق تلقائيًا عند انخفاض السكر، مما يساعد في تقليل المخاطر المرتبطة بانخفاض مستويات الجلوكوز.
علاج انخفاض سكر الدم
لعلاج نقص السكر في الدم، يجب أولًا التأكد من وجوده عن طريق قياس مستوى السكر في الدم. إذا كان المريض في وعيه، يمكن إعطاؤه سكر سريع المفعول مثل العصائر أو أقراص الجلوكوز.
إذا كان المريض فاقدًا للوعي، يتم استخدام حقنة الغلوكاجون في الوريد. بعد التعامل مع الحالة الطارئة، يجب فحص السبب الكامن وراء انخفاض السكر، مثل ورم أو زيادة جرعات الأنسولين، ومعالجته.
الوقاية من انخفاض مستوى السكر
للوقاية من نقص السكر في الدم، ينبغي اتباع بعض النصائح:
- تناول وجبات متوازنة: يُفضل تناول ثلاث وجبات رئيسية على الأقل يوميًا مع وجبات خفيفة إذا لزم الأمر.
- مراقبة مستويات السكر: يجب قياس مستوى السكر بانتظام، خاصة قبل ممارسة الرياضة.
- تجنب الجرعات الزائدة من الأنسولين: التأكد من الجرعة الصحيحة مهم لتجنب انخفاض السكر.
متى يجب زيارة الطبيب؟
من الضروري زيارة الطبيب فور الشعور بأعراض نقص السكر، خاصةً إذا كان الشخص غير مصاب بالسكري. يجب أيضًا استشارة الطبيب في حالة عدم استجابة الجسم للعلاج التقليدي، مثل تناول السكريات.
إذا كانت نوبات انخفاض السكر متكررة، فينبغي تناول وجبات صغيرة على مدار اليوم لضمان استقرار مستويات السكر. ومع ذلك، يُفضل استشارة الطبيب، حيث تعتبر الوجبات الصغيرة حلاً مؤقتًا فقط.
في الختام، من المهم توخي الحذر ومراقبة مستويات السكر في الدم بشكل مستمر، خاصةً للأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية سابقة أو أولئك الذين يتناولون أدوية تؤثر على مستويات الجلوكوز. فهم أسباب وأعراض نقص السكر في الدم يمكن أن يساعد في تجنب المخاطر والمضاعفات الصحية الخطيرة.