رؤية سكرة الموت في المنام
وقد حانت ساعة الموت للإمام الهادي – رحمه الله -، وكان هناك جارية كان يحبها بشدة. كان يظهر حبه لها بوضوح. في يوم ما، وهي تغني له وتعبِّر عن حبها له، شعر بفكرة غادرته وأصابه تغير في مزاجه وتبدل لون وجهه. بادر بسؤاله بعض الحاضرين عن السبب، فأجاب قائلاً: “أصابني فكرة بأني قد أموت، وأن أخي هارون سيتولى الخلافة بعدي، وسيتزوج هذه الجارية (غادر) التي أحبها”.
فقدّم الحاضرون له التعازي ودعوا له بطولة العمر. بعد ذلك، استدعى الإمام الهادي أخاه هارون وأخبره بما حدث، وناشده بأشد الأيمان بأن يعزم على عدم الزواج من هذه الجارية وأن يعتز بها.
فقام هارون بالقسم وأخذ على نفسه بالطلاق والعتاق والحج الماشي حافيًا ألا يتزوجها. وقسمت الجارية اليمين بالمثل. ظل الهادي ملتزمًا بعدم الزواج حتى توفي بعد أقل من شهرين.
بعد وفاته، خطبها الخليفة الرشيد وأخيرًا زوجها. وعلى يديه، عاشت حياة سعيدة وجميلة وظل يُعاملها بجدية واحترام كبيرين. لاحظت جدًا أنها تنام في حجره ولا يتحرك خشية أن يزعجها.
لكن في إحدى الليالي، استفاقت الجارية مذعورة وبدأت تبكي. فسألها الخليفة: “ما الذي حدث؟” أجابت وهي تبكي: “رأيت الإمام الهادي في منامي يقول:
أخلفت عهدي بعد أن جاورت سكان المقابر
ونسيتني وخنثت في أيمانك الكذب الفواجر
وتزوجت غادرًا أخي، وصدقت ما سماك غادرًا
أمسيت في مواجهة البلاء، وأصبحت من الذهاب
لن ينفعك الألف الجديد، ولن تحميك الدوائر
ولحقت بي قبل الفجر، وأصبحتُ هلكًا”.
هكذا، ندم الإمام الهادي على تركه الجارية والعهد الذي كان قد أخذها عليه والذي لم يتمكن من الوفاء به، وأخبرها بذلك في رؤيتها.