جزيرة أرواد في سوريا

16 أغسطس 2024
جزيرة أرواد في سوريا

جزيرة أرواد في سوريا

الموقع الجغرافي

تقع جزيرة أرواد على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتعتبر جزءًا من محافظة طرطوس في سوريا. تبعد أرواد حوالي 3 كيلومترات من ميناء طرطوس، وهي الجزيرة الوحيدة المأهولة بالسكان في سوريا. تتميز الجزيرة بطبيعتها الخلابة وموقعها الاستراتيجي على الساحل. كانت الجزيرة على مر العصور مركزًا هامًا للتجارة والملاحة البحرية، وشهدت تعاقب العديد من الحضارات التي تركت بصماتها على ثقافتها وتراثها.

الطبيعة والجيولوجيا

جزيرة أرواد خالية من التربة الصالحة للزراعة، ومليئة بالصخور، مما يجعلها ذات طبيعة قاحلة. تفتقر الجزيرة إلى الموارد المائية الطبيعية مثل الينابيع، وتعتمد بشكل كبير على مياه البحر المحلاة والمياه الجوفية. تتشكل بداخلها كتل حجرية كبيرة وعملاقة، وتمتد هذه الكتل على طول الشاطئ، مما يعطيها مظهرًا فريدًا يجذب السياح والمستكشفين.

المباني في أرواد متشكلة من طبقات، وتأخذ هيئة هياكل أثرية على امتداد الساحل الشرقي للبحر المتوسط. تم تنفيذ بنيتها التحتية باستخدام الصخور الأصلية المنتشرة بها، مع وضع كتل منفصلة بأبعاد مختلفة فوقها. هذا الأسلوب في البناء يعكس التراث العريق للجزيرة ويضفي عليها طابعًا تاريخيًا مميزًا.

المناخ

مناخ جزيرة أرواد يماثل مناخ البحر الأبيض المتوسط، حيث يكون معتدلاً طوال العام. تتعاقب الفصول على الجزيرة، وتكون الأمطار أكثر تكرارًا في فصل الشتاء. البيئة في أرواد رطبة، ويتراوح متوسط الرطوبة بين 60 إلى 75%. تتراوح درجات الحرارة في النهار خلال الصيف حوالي 30 درجة مئوية، بينما تنخفض في الشتاء إلى متوسط 7 درجات مئوية.

بفضل موقعها الجغرافي، تتمتع الجزيرة بنسيم بحري لطيف يساعد على تلطيف درجات الحرارة خلال الصيف، مما يجعلها وجهة مثالية لقضاء العطلات. تعتبر الأمطار الشتوية ضرورية للحفاظ على النباتات القليلة التي تنمو على الجزيرة، وتساعد في تجديد المياه الجوفية.

السكان

يعيش في الجزيرة أبناء السواحل من الشام وأحفاد الفينيقيين. وفقًا لإحصائية عام 2004، بلغ عدد السكان حوالي 4403 نسمة، وقد تخطى العدد حاليًا 11,500 نسمة، إلا أن أغلبهم يعملون خارج الجزيرة. تتميز أرواد بأنها تجمع بين الطابع التاريخي والتراثي والحياة العصرية، مما يجعلها مكانًا فريدًا للعيش.

تضم الجزيرة سوقًا أساسيًا يشمل بائعي الخضار والفاكهة، وعددًا من المخابز. تنتشر المقاهي والمطاعم على أطرافها الجنوبية والشرقية، مما يوفر للسكان والزوار مجموعة متنوعة من الخيارات لتناول الطعام والاستمتاع بالمناظر البحرية. توجد المقبرة في الجانب الغربي من الجزيرة، ويتعايش السكان داخل مبانٍ مشيدة من الحجر الرملي وبعضها من الإسمنت المسلح.

المباني تلصق ببعضها البعض ومكونة من عدة طبقات بسبب الازدحام السكاني منذ القدم. بدأت المباني بطابقين، ومع الازدحام زادت الطوابق إلى أربعة وأكثر. حارات الجزيرة ضيقة للغاية، أراضيها مرصوفة بالحجارة وبعضها بالأسمنت، مما يعيق مرور المشاة، ولا يتواجد بها وسائل مواصلات من عربات وسيارات وغيره. يعتمد السكان في الصرف والشراء على عملة سوريا، الليرة، كونها تابعة لدولة سوريا.

التاريخ

مرت جزيرة أرواد بمحطات تاريخية عديدة أثرت على طبيعتها ومعالمها. تعاقبت عليها عدة حضارات، نبرزها فيما يلي:

حكم تحتمس الثالث

احتل الملك تحتمس الثالث الجزيرة خلال عام 1472 قبل الميلاد خلال حملته على شمال سوريا. ترك أثرًا يوضح هذه الحملة، محفورًا إلى الآن على معبد آمون في الكرنك. هذا الغزو يبرز أهمية الجزيرة كموقع استراتيجي حيوي في البحر الأبيض المتوسط.

حكم الفينيقيين

كان الفينيقيون مجموعة من البحارة الماهرين والتجار، أعلنوا خلال سيطرتهم على الجزيرة عن اسم يشير إلى تجارتهم “Phoinix”. ظهرت الأبجدية الأولى خلال حكمهم، وكان لهم دورًا في تطوير وتنمية الجزيرة على النطاق الثقافي والاقتصادي. اشتهرت تجارات عديدة بها مثل الزجاج والقوارب والسيراميك والملاحة.

الحكم الفارسي

بدأ الحكم الفارسي في الجزيرة عام 539 قبل الميلاد عندما سيطر كورش الكبير عليها. استمر الحكم الفارسي حتى مجيء الإسكندر الكبير.

حكم الإسكندر الكبير

استولى الإسكندر الكبير على الجزيرة عام 333 قبل الميلاد بعد هزيمة الفرس. أعاد الإسكندر تنظيم الإدارة المحلية وعزز التجارة والملاحة.

الحكم الأيوبي

سيطر صلاح الدين الأيوبي على الجزيرة في عام 1187 ميلاديًا. خلال هذه الفترة، تم تعزيز الدفاعات وإعادة بناء العديد من المنشآت.

حكم المماليك

حكم المماليك الجزيرة بعد الهجوم عليها عام 1302 ميلاديًا. تمت إعادة بناء القلاع والأسوار لحماية الجزيرة من الغزوات البحرية.

بعد الحرب العالمية الأولى

أصبحت الجزيرة تحت الحكم الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى، وبدأت فترة جديدة من التنمية والتحديث.

المعالم السياحية

تتمتع جزيرة أرواد بالعديد من المعالم السياحية التي تستحق الزيارة، منها:

قلعة أرواد

قلعة أرواد هي معلم تاريخي بارز، مستطيلة الهيئة، تم تشييدها خلال القرن 13، وتتميز بالتصاميم العثمانية والصليبية والمملوكية. تعكس القلعة تاريخ الجزيرة الغني وتعتبر وجهة سياحية هامة.

أسوار الجزيرة

أسوار أرواد هي جدران عظيمة عملاقة تحاوط الجزيرة من شتى الأماكن، باستثناء جانب الميناء. يبلغ ارتفاعها 10 أمتار، وهي مبنية من مجموعة كتل صخرية ضخمة يصل طول الكتلة الواحدة إلى 6 أمتار، وتعود إلى العصر السلوقي. تم إزالة وتدمير أجزاء من الأسوار بعد استيلاد العرب عليها عام 650 ميلاديًا، وأجزاء أخرى بعد طرد فرسان الهيكل منها في عام 1302.

شاطئ أرواد

شاطئ أرواد هو مكان رائع للاستمتاع بالأنشطة البحرية مثل بناء القوارب والصيد. الشاطئ مليء بالحياة والحركة، ويوجد عليه مجموعة مطاعم تطل على البحر وتقدم مأكولات بحرية طازجة.

كاتدرائية سيدة طرطوس

كاتدرائية سيدة طرطوس هي كنيسة كاثوليكية تم تشييدها في الحقبة الصليبية خلال القرن 12. تقع بين أرواد ومدينة طرطوس، وهي من المعالم الدينية البارزة في المنطقة.

قلعة أيوبية

قلعة أيوبية هي قلعة مربعة الهيئة، تم بناؤها منذ نهايات القرن 12، وتوجد بالجانب الشرقي من الجزيرة، مطلة على منطقتي المرفأ. القلعة تعكس العمارة الأيوبية وتعد جزءًا مهمًا من التراث الثقافي للجزيرة.

منطقتي المرفأ

تعتبر منطقتي المرفأ المقر الأساسي للأساطيل البحرية، مليئة بالقوارب ومراكز النشاط التجاري. المرفأ هو قلب الحركة والنشاط في الجزيرة، ويعد نقطة انطلاق للعديد من الرحلات البحرية.

الاقتصاد

يعتمد الاقتصاد في جزيرة أرواد بشكل رئيسي على الصيد، بناء القوارب، والسياحة. تضم الجزيرة العديد من ورش بناء القوارب التقليدية، وتعتبر هذه الصناعة جزءًا من تراث الجزيرة. السياحة تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد المحلي، حيث تجذب الجزيرة العديد من الزوار للاستمتاع بجمالها الطبيعي ومعالمها التاريخية. بالإضافة إلى ذلك، يقوم السكان بالزراعة البسيطة وتربية الحيوانات لتلبية احتياجاتهم الغذائية.

الثقافة واللغة

السكان في جزيرة أرواد يتحدثون اللغة العربية، ويمارسون الإسلام كدين رئيسي. الثقافة المحلية تتأثر بشكل كبير بتاريخ الجزيرة المتنوع، والذي يشمل تأثيرات من الحضارات الفينيقية، الفارسية، الإغريقية، الرومانية، الأيوبية، والمملوكية. يتمسك السكان بتقاليدهم وعاداتهم التي تعكس التنوع الثقافي والتاريخي للجزيرة.

المرافق والخدمات

رغم صغر حجم الجزيرة، فإنها تحتوي على المرافق الأساسية التي تلبي احتياجات السكان والزوار، بما في ذلك المدارس، المستشفيات، والمساجد. تعتمد الجزيرة على مدينة طرطوس للحصول على العديد من الخدمات والسلع الأساسية. تتميز الجزيرة بتوفير الخدمات الأساسية التي تجعلها قادرة على استقبال الزوار والسكان بشكل جيد.

النقل

لا توجد وسائل نقل داخلية مثل السيارات في الجزيرة نظرًا لصغر حجمها وضيق حاراتها. يعتمد السكان على القوارب للوصول إلى مدينة طرطوس والمدن الساحلية الأخرى. القوارب هي الوسيلة الرئيسية للتنقل بين الجزيرة والبر الرئيسي، وتوجد خدمات قوارب

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى