كيف أرى رؤيا صالحة؟
دلت العديد من النصوص الشرعية على أسباب تعين المؤمن على تحري الرؤيا الصالحة في المنام. وكلما تحققت هذه الأسباب مع صدق النية والإخلاص فيها، كان الإنسان قريبًا من صدق رؤياه. وجاء عن ابن القيم -رحمه الله- قوله: “ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحرَّى الصدق، وأكل الحلال، والمحافظة على الأمر والنهي، ولينم على طهارة كاملة، مستقبل القبلة، ويذكر الله حتى تغلبه عيناه، فإن رؤياه لا تكاد تكذب البتة”. ومن هذه الأسباب ما يأتي:
تحقيق الولاية لله تعالى
قال تعالى:
“أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ* الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ* لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ” (يونس: 62-64).
وجاء في تفسير البشرى الموعود بها أولياء الله في الحياة الدنيا أنها الرؤيا الصالحة. ومن أسباب تحقيق الولاية: أداء الفرائض والتقرب إلى الله بالنوافل، والتحلي بالصدق وتقوى الله، والإخلاص في الأفعال والنية التي يُقصد منها الله لا الدنيا.
تحري الصدق في الحديث
كلما كان الإنسان أصدق في الحديث كان أصدق في الرؤيا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُسْلِمِ تَكْذِبُ، وأَصْدَقُكُمْ رُؤْيا أصْدَقُكُمْ حَدِيثًا”. فالرؤيا وصدقها تكون من صدق صاحبها، والشخص الذي يُكثر الكذب والتهويل والمبالغة هو أبعد ما يكون عن الرؤيا الصادقة.
التحرز والبعد عن الشيطان عند النوم
يكون ذلك بالنوم على طهارة، مع النوم على الشق الأيمن، وذكر الله تعالى، والاستعاذة بالله من الشيطان، وقراءة الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل النوم؛ كقراءة آية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة. كل هذه الأمور إن لزمها المسلم كانت له حصنًا من الشيطان ووساوسه.
تحري الرؤيا في وقت السحر
لأن وقت السحر هو وقت النزول الإلهي نزولًا يليق بجلاله، وهو وقت المغفرة والرحمة وإجابة الدعاء.
الفرق بين الرؤيا الصالحة وغيرها
قد يعتقد العديد من الناس أن الرؤيا الصالحة وغيرها من الإلهام والخاطر والحلم هي نفس الشيء، إلا أن هناك فروقات بينها:
الرؤيا الصالحة
تكون من الله تعالى وبشرى منه، وهي مما يعجب الإنسان ويسره ويحبها، وتكون حسنة في ظاهرها، بالإضافة إلى صدقها. الرؤيا الصالحة هي جزء من النبوة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ورُؤْيا المُسْلِمِ جُزْءٌ مِن خَمْسٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ”، وتحدث غالبًا للأنبياء والصالحين.
الإلهام
هو تلقين الله تعالى الخير لعبده، أو إلقاؤه في روعه، ويختص به بعض أصفيائه. الفرق بينه وبين الرؤيا أن الإلهام يكون في اليقظة، والرؤيا تكون خلال النوم.
الحلم
هو من الشيطان ويكون بقصد إحزان الإنسان، وعادة ما يكون في الأشياء السيئة. يستخدم في اللغة ليشير إلى ما يراه النائم من خير أو شر، لكن غلب استخدامه في الشر. أما الرؤيا فتكون في الخير وهي من الله تعالى.
الخاطر
يحدث في الغالب في اليقظة، بخلاف الرؤيا التي تكون في المنام.
دلالات الرؤيا الصالحة
تدل على صلاح صاحبها
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: “رَأَيْتُ في المَنَامِ كَأنَّ في يَدِي سَرَقَةً مِن حَرِيرٍ، لا أهْوِي بهَا إلى مَكَانٍ في الجَنَّةِ إلَّا طَارَتْ بي إلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا علَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ، علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنَّ أخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أوْ قالَ: إنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ”. وهي من صفات أولياء الله تعالى، وتسر صاحبها.
تدل على البشرى من الله تعالى
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلَّا المُبَشِّراتُ قالوا: وما المُبَشِّراتُ؟ قالَ: الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ”.