تفسير حلم المدينة
المدينة تعبر عن أهلها وسكانها، وترمز إلى الاجتماع والأمان والحماية. عندما دخل موسى المدينة، قال له شعيب: “لا تخف، نجوت.” وقد يرمز المدينة إلى الحياة الدنيا، في حين ترمز القرية إلى الحياة الأخرى، حيث إن نعيم الحياة الأخرى أكبر وأهلها أكثر نعمة، ومساكنها أفضل.
وقد يرمز المدينة المعروفة إلى الدنيا، بينما ترمز القرية المجهولة إلى الجبالة، حيث تكون بارزة ومنعزلة عن العالم الخارجي بغفلة أهلها.
وقد يرمز المدينة المعروفة الجميلة إلى الجنة، في حين ترمز القرية السوداء المكروهة إلى النار. وذلك بسبب نعيم أهل المدن وشقاء أهل القرى. وإذا كنت تنتقل في حلمك من قرية مجهولة إلى مدينة كذلك، فعليك أن تنظر في حالتك. فإن كنت كافرًا، فقد تسلمت وأسلمت. وإن كنت مذنبًا، فقد تابت ذنوبك. وإن كنت صالحًا فقيرًا ومحقرًا، فقد يأتيك الغنى والعزة. وإن كنت مخافًا ومؤمنًا فستشعر بالأمان. وإذا كنت تحمل سرًا، فقد تتزوج.
وإذا كنت مريضًا فقد تموت. وإذا كنت ميتًا فقد تتغير حالتك وتتبدل دارك. فهناك داران، إحداهما أفضل من الأخرى. وإذا انتقلت من الدار القبيحة إلى الجميلة، فقد تنجو من النار وتدخل الجنة إن شاء الله.
أما إذا خرجت من المدينة إلى قرية مجهولة، فقد يكون الأمر عكس ذلك. وإذا كانت المدينتين معروفتين، فتحكم على المنتقل بمعاني ذلك وفقًا لأسمائهما وجواهرهما. مثل الخروج من باغايه إلى مدينة مصر، فقد تتخلص من البغي وتحقق طلبك وتشعر بالأمان. كما قال الله تعالى: “ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ”.
إذا كان خروجك سريًا من رؤية إلى خراسان، فقد ينقلب سرورك إلى بؤس وشقاء في الوقت المناسب.
وبالمثل، الخروج من المهدية والدخول إلى سوسة، يدل على الانحراف عن الهدى والحق والدخول في سوء وفساد. وهكذا في جميع القرى والمدن المعروفة.
أما أبواب المدينة المعروفة، فولاتها تشير إلى حكامها وحراسها والأشخاص الذين يحمونها ويحافظون عليها.
أما دورها، فأهل المدينة يشملون الرؤساء والأعيان في محلتهم، وكل درب يدل على الشخص الذي يجاوره، ومن يحتاج إليه أهل تلك المحلة في أعمالهم وشؤونهم. ويقوم بحمايةهم ومساعدتهم في مواجهة المشاكل بقوة وسلطانه، أو بمعرفته وثروته.
وقد يقال: إن المدينة هي رجل عالم، حيث يمكن رؤية المدينة من بعيد. ويقال أيضًا: المدينة هي الدين. والخروج من المدينة يشير إلى الخوف. كما قال الله تعالى: “فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ”. ودخول المدينة يرمز إلى التسوية والسلام بين الناس، حيث يدعوك للحق. وقال الله تعالى: “ادْخُلُوا فِي السَّلْمِ كَافَّةً”، وهذا يعني المدينة. وإذا رأيت مدينة قديمة مدمرة، فقد يظهر هناك عالم أو إمام يعيش فيه ويتبع سنن وأعمال تلك العلماء.
وإذا رأيت نفسك تدخل مدينة مهجورة ليس لها جدران أو مبانٍ أو آثار، فإنه إشارة إلى أن العلماء قد توفوا وذهبوا وتعلموا، ولم يبقَ منهم أحد، ولكن إذا رأيت أنها ستُعمَر، فقد يظهر من نسل العلماء الباقيين ولدٌ يستكمل سيرتهم وأعمالهم.
إذا رآيت مدينة أو بلد خاليين من السلطان وكانت أسعار الطعام مرتفعة فيها، فهذا يشير إلى ضيق الحال وصعوبة العيش في تلك المنطقة. أما إذا رأيت مدينة أو بلدًا مزدهرًا وحقولًا زراعية جيدة، فهذا يدل على سعادة أهلها وازدهارهم.
وقد يقول البعض: إذا كانت المدن هادئة وساكنة، فإن ذلك يدل على وجود خير في الأمور العكسية، ففي ليل الجدب يكون الخصب. والأفضل للإنسان أن يرى المدن المزدهرة والمزدحمة، فإن ذلك يشير إلى الرفاهية والازدهار.
أما إذا رأيت قلة السكان والنشاط في المدينة، فهذا يشير إلى نقص الخير والرخاء في تلك المنطقة. ورؤية بلدة في المنام تدل على الآباء والسلف.
على سبيل المثال، إذا رأى شخص أن مدينته قد هُدمت بسبب زلازل، فقد يُفسر ذلك بأنه يحكم على والده بالقتل. ويُحكى أن وكيع كان مع قتيبة في رحلة من الري إلى خراسان، ورأى في منامه أن مدينته تهدمت وتدمرت. فاستفسر وكيع عن التفسير وأخبروه أن هذا يدل على أن الأشراف سوف يخسرون جاههم على يديه ويُحاسبون.
الجامع في المدينة يرمز إلى سكانها، وأعيانها، وعامة الناس، وأهل العلم والقيام بالخيرات في مجالات الحكم والعلم والعبادة والنسك. المحراب في المسجد يشير إلى إمام المسجد الذي يقود الصلاة للناس، والمنبر يمثل سلطانهم أو خطيبهم. والقناديل تمثل أهل العلم والخير والجهاد والحراسة في الرباط.
أما المئذنة، فتعبّر عن قاضي المدينة أو عالمها الذي يدعو الناس إلى الخير ويرضون بقوله ويتبعون هديه، ويستجيبون لدعوته ويثقون به. وأبواب المسجد تمثل العمال والأمناء وأصحاب الشرطة، وكل من يحمي الناس ويحافظ على أمنهم.
إذا تأتي أي من هذه العناصر أو ترى أي صفة صالحة أو فاسدة فيها، يجب تفسيرها في سياق الرؤية وحسب الدلالة الخاصة أو العامة التي تتعلق بها.
