محتويات
تفسير رؤية الأذان والإقامة في المنام لابن سيرين
يقول ابن سيرين أن رؤية الأذان والإقامة في المنام تدل على عدة معانٍ ودلالات. من ذلك ما رواه أبو بكر محمد بن عبد الله بن قريش، الذي قال: أخبرنا الحسن بن سفيان عن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، عن أبيه، قال: أتيتُ النبي ﷺ وأخبرته بما رأيته من الأذان، فقال: «إنّ هذه لرؤيا حق، فقم فألقها على بلال، فإنه أندى صوتاً منك». قال: ففعلت، فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع أذان بلال يجر ثوبه، وقال: يا رسول الله! رأيت مثل ما رأى عبد الله بن زيد! فقال: «الحمد لله فذاك أثبت».
وقد أخبرنا أبو بكر عن الحسن بن سفيان، عن إسماعيل بن عبيد الحراني، عن محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، عن أبيه، قال: كان رسول الله ﷺ قد هم بالبوق، وأمر بالناقوس، فنمت، فأُري عبد الله بن زيد الأنصاري في المنام. قال: رأيت رجلاً عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسًا، فقلت: يا عبد الله! أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: ننادي للصلاة. قال: أفلا أدلك على ما هو خير لك من ذلك؟ قلت: بلى. قال: تقول: الله أكبر، ثم لقنني كلمات الأذان، ثم مشى هنيهة، ولقنني كلمات الإقامة. فلما استيقظت أتيت النبي ﷺ فأخبرته، فقال: «إن أخاكم قد رأى رؤيا، فاخرج مع بلال إلى المسجد، فألقها عليه فليناد بها، فإنه أندى صوتاً منك». فخرجت معه، فجعلت ألقيها وينادي بها بلال، فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصوت، فخرج، فأتى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله! لقد رأيت مثل ما رأى!.
قال الأستاذ أبو سعد -رضي الله عنه-: من رأى أنه أذن مرة أو مرتين وأقام وصلى صلاة فريضة، فإنه يرزق حجاً وعمرة، لقوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾ [الحج: 27]. ولأن بعرفات يؤذن ويقام مرتين مرتين. فإن رأى كأنه يؤذن على منارة، فإنه يكون داعياً إلى الحق، ويرجى له الحج. فإن رأى كأنه يؤذن في بئر، فإنه يحث الناس على سفر بعيد. فإن رأى كأنه مؤذن وليس بمؤذن في اليقظة ولي ولاية بقدر ما بلغ صوته إن كان للولاية أهلاً. فإن رأى كأنه يؤذن على تل، أصاب ولاية من رجل أعجمي، وإن لم يكن للولاية أهلاً، فإنه يصيب تجارة رابحة أو حرفة عزيزة. فإن رأى أنه زاد في الأذان أو نقص منه أو غير ألفاظه، فإنه يظلم الناس بقدر الزيادة والنقصان.
وإن أذن في شارع، فإن كان من أهل الخير، فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كان من أهل الفساد، فإنه يُضرَب. ومن رأى كأنه يؤذن على حائط، فإنه يدعو رجلاً إلى الصلح. وإن أذن فوق بيت، فإنه يموت أهله. فإن أذن فوق الكعبة، فإنه يظهر بدعة. والأذان في جوف الكعبة لا يُحمد. ومن أذن على سطح جاره، فإنه يخون جاره في أهله. ومن أذن بين قوم فلم يجيبوه، فإنه بين قوم ظلمة، لقوله تعالى: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: 44].
ومن رأى أنه أذن وأقام، فإنه يقيم سنّة ويميت بدعة. ومن رأى صبياً يؤذن، فإنه براءة لوالديه من كذب وبهتان، لقصة عيسى عليه السلام. والأذان في الحمام لا يُحمد ديناً ولا دنيا، وقيل إنه يقود. فإن أذن في البيت الحار، فإنه يُحمُّ حمى نافض. فإن أذن في البيت البارد، فإنه يُحمَّ حمى حمارة. ومن أذن على باب سلطان، فإنه يقول حقاً.
وحُكي عن ابن سيرين أنه قال: الأذان مفارقة شريك، لقوله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ [التوبة: 3]. فإن أذن في قافلة، فإنه يسرق، لقوله تعالى: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: 70].
والأذان في البرية أو المعسكر يكون جاسوساً للصوص. ومن كان محبوساً فرأى كأنه يقيم أو يصلي قائماً، فإنه يطلق، لقوله تعالى: ﴿فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ [التوبة: 5]. ومن رأى غير محبوس أنه يقيم إقامة الصلاة، فإنه يقوم له أمر رفيع يُحسن الثناء عليه فيه. ومن رأى كأنه أقام على باب داره فوق سرير، فإنه يموت. ومن رأى كأنه يؤذن على سبيل اللهو واللعب، سُلِب عقله، لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾ [المائدة: 58].
وحُكي عن دانيال الصغير أنه قال: من رأى كأنه أذن وأقام وصلى فقد تم عمله، وهو دليل الموت. ومن سمع أذاناً في السوق، فإنه موت رجل من أهل تلك السوق. ومن سمع أذاناً يكرهه، فإنه ينادي عليه في مكروه.
وقال الأستاذ أبو سعد الأصل في هذا الباب: أن الأذان إذا رآه من هو أهل له كان محموداً إذا أذن في موضعه، وإذا رآه من ليس بأهل أو رآه في غير موضعه كان مكروهاً. فإن أذن في مزبلة، فإنه يدعو أحمق إلى الصلح ولا يُقبل منه. وإن أذن في بيت، فإنه يدعو امرأة إلى الصلح. فإن أذن مضطراً، فإنه يغشى امرأة.
وحُكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأني أؤذن. فقال: تحج. وأتاه آخر، فقال: رأيت كأني أؤذن. فقال: تُقطع يدك. فقيل له: كيف فرقت بينهما؟ قال: رأيت للأول سيماء حسنة، فأولت ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾ [الحج: 27]، ورأيت للثاني سيماء غير صالحة، فأولت ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: 70].
تفسير رؤية الأذان والإقامة في المنام للنابلسي
يقول النابلسي أن الأذان في المنام يدل على الحج في أشهر الحج. وربما دلّ الأذان على النميمة والإعلام بما يثير الحركة والانتقال والتجهيز للحرب، وربما دلّ على السرقة. وقد يدل الأذان على علو الدرجة والمنصب الجليل والرفعة والكلمة المسموعة والزوجة للأعزب، وربما دل الأذان على الأخبار الصحيحة.
فإذا أُذِّن إلى غير القبلة أو أُذِّن بغير العربية أو كان مع ذلك أسود الوجه، ربما أخبر بالكذب والنميمة. وربما دل الأذان على أهل البدع والخوارج في ذلك البلد. والمؤذن هو الداعي إلى الخير أو السمسار أو العاقد للأنكحة أو رسول الملك أو حاجبه أو المنادي في الجيش. فإن أذن أذاناً تاماً وكان ذلك في أشهر الحج، ربما دلّ ذلك على الحج.
فإن أذنت المرأة في المنام في مئذنة الجامع، ظهر في البلد بدعة عظيمة. وإن أذن الصبيان الصغار، استولى الجهال والخوارج على الملك، خصوصاً إن كان الأذان في غير وقته. وقد يدل الأذان على الدعاء والبر