كاتدرائية إتشميادزين
تقع كاتدرائية إتشميادزين في مدينة إتشميادزين (التي يُشار إليها أيضًا باسم فاغارشابات) في مقاطعة أرمافير بأرمينيا. تقع جغرافيًا بالقرب من وادي نهر أراس، وليس بعيدًا عن جبل أرارات. تعتبر الكاتدرائية المركز الروحي والإداري للأرمن الأرثوذكس، وتعد من أقدم الأمثلة على العمارة المسيحية في العالم.
تاريخ الكاتدرائية:
- الأسس القديمة: المنطقة المحيطة بكاتدرائية إتشميادزين كانت مأهولة منذ عصور ما قبل التاريخ، وشهدت استيطانات من حضارات مختلفة مثل الأوروارتية. تشير النقوش إلى أن المنطقة كانت تُعرف باسم “Kuarlini” في الكتابة المسمارية.
- تأسيس المدينة: تأسست مدينة فاغارشابات، التي تُعرف اليوم باسم إتشميادزين، في عهد الملك الأرساكي فاغارش الأول (117-140 م). في البداية كانت المدينة عاصمة أرمينيا، ولكن بعد الغزوات الساسانية من 368-369 م، تراجعت مكانتها السياسية وتم استبدالها بعاصمة جديدة تُدعى دفين.
- التحول المسيحي: في عهد الملك تيريدات الكبير (298 – 330 م)، تبنت أرمينيا المسيحية كدين رسمي، وكان الملك نفسه قد تحول إلى المسيحية عام 301 م في القصر الملكي بفاغارشابات، مما جعل المدينة مركزًا مهمًا للمسيحية الأرمنية.
أهمية كاتدرائية إتشميادزين:
- العمارة: تعتبر كاتدرائية إتشميادزين واحدة من أقدم الكاتدرائيات المسيحية في العالم. كانت الكاتدرائية محورية في تطور العمارة المسيحية وقد أثرت بشكل كبير على التصميمات اللاحقة للكنائس في مختلف أنحاء العالم.
- التصنيف: في عام 2000، تم تصنيف كاتدرائية إتشميادزين كجزء من منطقة التراث العالمي لليونسكو. تشمل المنطقة أيضًا كنيسة القديس جايان وكنيسة القديس هريبسيم، بالإضافة إلى الآثار الأثرية لكاتدرائية زفارتنوتس. هذا التصنيف يعكس الأهمية الثقافية والدينية الكبيرة للكاتدرائية في التاريخ الأرمني.
- التراث الثقافي: تعد الكاتدرائية مركزًا رئيسيًا للثقافة والدين الأرمني، وتعكس تاريخ وتقاليد الشعب الأرمني على مر العصور.
تشييد كاتدرائية إتشميادزين في أرمينيا
تعد كاتدرائية إتشميادزين من أبرز المعالم التاريخية والدينية في أرمينيا، وتعتبر واحدة من أقدم الكاتدرائيات المسيحية في العالم. تطور تاريخ بنائها يعكس أهمية المكان في التاريخ الأرمني وتأثير الأحداث التاريخية المختلفة عليه.
تاريخ تشييد الكاتدرائية:
- القرن السابع الميلادي:
- المطران كوميتاس: في بداية القرن السابع، قاد المطران كوميتاس من أغدزك جهود بناء كنيسة القديس هريبسيم، التي أصبحت نقطة جذب كبيرة للحجاج بعد بناءها. سُميت الكنيسة على اسم القديسة هريبسيم التي استشهدت في عهد الملك تيريدات الكبير قبل اعتناقه المسيحية.
- كنيسة القديس جايان: تم بناء كنيسة القديس جايان حوالي عام 616 م، مما أضاف قيمة دينية ومعمارية إلى موقع إتشميادزين.
- كاتدرائية زفارتنوتس: في عام 650 م، تم بناء كاتدرائية زفارتنوتس الرائعة، والتي أصبحت جزءًا من معالم المدينة وأكدت على أهمية إتشميادزين كموقع حج رئيسي.
- القرون الوسطى:
- الغزو العربي: في عام 640 م، بعد غزو العرب لأرمينيا تحت الخلافة الراشدية، أصبح الموقع الديني في إتشميادزين مهددًا. مع مرور الوقت، فقدت المدينة مكانتها كعاصمة سياسية ودينية، وبدأت في التدهور.
- الزلزال والاحتلال: ضرب زلزال كبير المنطقة في القرن العاشر الميلادي، مما أدى إلى انهيار كاتدرائية زفارتنوتس وغيرها من المباني. كما غزا الأتراك السلاجقة المنطقة في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي، مما ساهم في تدهور المدينة.
- العصور المتأخرة:
- القرن الثالث عشر الميلادي: بعد الهجوم المغولي على أرمينيا وجورجيا، أصبحت المناطق المحيطة بالكاتدرائية متداعية لدرجة أن الشاعر الأرمني ستيبانوس أوربيليان تألف مراثيه على كاتدرائية القديس بطرس بفاغارشابات.
- القرن الخامس عشر الميلادي: شهدت الكاتدرائية انتعاشًا عندما قررت الكنيسة الرسولية الأرمنية إعادة الكاثوليكية إلى الموقع. على الرغم من الصعوبات التي واجهها الأرمن تحت الحكم العثماني والإيراني الصفوي، حصلت الكاتدرائية على امتيازات اقتصادية مما ساعد في استمرار عملها.
- القرون الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين:
- مشاريع الترميم: خلال هذه الفترة، تمت مشاريع بناء وترميم لإعادة البريق إلى الكاتدرائية القديمة، مما ساعد في الحفاظ على موقعها كمركز ديني مهم.
- العصر الحديث:
- الحكم الإمبراطوري الروسي: منح الحكم الإمبراطوري الروسي (1827-1917م) للكاتدرائية فترة من الاستقرار والتطور.
- فترة الاتحاد السوفيتي: على الرغم من القمع خلال الأيام الأولى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية (1918-1949م)، صمدت كاتدرائية إتشميادزين واستمرت في كونها “الكرسي الأم المقدس لجميع الأرمن”.
تظل كاتدرائية إتشميادزين اليوم مركزًا هامًا للإيمان الأرمني ووجهة رئيسية للحجاج والسياح من جميع أنحاء العالم.